حزنت وأنا أتابع مباريات منتخب مصر الوطني لكرة اليد في بطولة كأس العالم المقامة بكرواتيا.. حزنت وأنا أري أشباه لاعبين دوليين واقرب إلي الأشباح وهو من كانوا في يوم من الأيام أبطالا نتغنى بأسمائهم ونفتخر بانجازاتهم.
كانت كرة اليد المصرية احدي الألعاب التي تبعث بالزهو والفرحة في قلوب الشعب المصري، وكان جميع المتابعين لها يحفظون أسماء لاعبي مصر عن ظهر قلب مثلهم مثل لاعبي كرة القدم، حتى إنها كانت اللعبة الشعبية الثانية علي مستوي الألعاب الجماعية.
واليوم أصبحنا فريق لا يهابه احد، بل صرنا احد المنتخبات التي يطلق عليها "حصالة المجموعة" بعد أن طاله الضعف وسوء التخطيط، وأعطي الفرصة لمنتخبات مثل الدنمارك والسويد وفرنسا والنرويج وقوي عظمي غيرها لتصعد علي أكتافه بعد أن كانت تخاف وتعمل له ألف حساب قبل أي معترك دولي.
وإذا كان قرار الدكتور حسن مصطفي رئيس اتحاد كرة اليد السابق والذي حل علي أسرة كرة اليد جمعاء بعدم ضم أي لاعب أتم عامه الثلاثين للمنتخب – هذا القرار قد أتي بثماره ذات المرارة وصب علينا أمطارا من الهزائم وانهيارا للسمعة الجيدة التي بنيت بعد عناء، فإن هذه الحالة هي ما ينطبق عليها مقولة "هذا ما جناه علي أبي،وما جنيت علي احد".
ما ذنب لاعبين أعطوا كل ما لديهم لمنتخب بلادهم لنطلق النار عليهم مثل خيل الحكومة؟؟.. ما ذنب هؤلاء إذا كان عمرهم قد وصل الثلاثين ومازالوا يعطون ولديهم الكثير ؟؟!.. فإذا كان هؤلاء اللاعبون منهم من لا يصلح، ففي المقابل هناك من له الثقل والوزن والخبرة وكلها عناصر مهمة في أي لعبة.
كيف لنا أن نمحو ونلغي جيلا كاملا ونمنح الآخر الراية بحجة الإحلال والتجديد؟.. الإحلال والتجديد لا يأتي بهذا الشكل أبدا.. بل يأتي بخطوات مدروسة بعناية، وليست كمن يريد الوليد أن ينهض ويمشي ويجري بل ويقود الطائرة.
يا دكتور حسن ألومك وألوم من وافقك الرأي في اتخاذ هذا القرار، لأن الجيل الحالي لم ولن يذق طعم الفوز وتحقيق البطولات حتى لا يخدعنا الفوز علي منتخبات ما زالت تخطو خطواتها الأولي في اللعبة، بل علي العكس فقد زرعت فيهم قلة الثقة والروح الانهزامية واللامبالاة لكثرة الانكسارات والأداء المخزي.
كنا نلعب في بطولة تسمي العظماء السبعة، نعم العظماء اللذين كنا واحدا من أقوياء اللعبة، وهنا أتذكر جيل جوهر نبيل واحمد العطار وسامح عبد الوارث وحمادة الروبي وايمن صلاح وعمرو الجيوشي واحمد بلال واشرف عواض مايكل جوردان كرة اليد كما كان يطلق عليه العالم كله.
هذا الجيل الذي صنع التاريخ والانجازات لكرة اليد المصرية.. الجيل الذي حقق عام 2001 المركز الرابع بعد أن خسر بصعوبة في قبل النهائي أمام فرنسا صاحبة الأرض والتي حصلت علي البطولة في تلك النسخة، اشعر بهذا الجيل وهو يبكي الآن علي أطلال المعبد الذي بنوه بالجهد والعرق وهو الآن ينهار بفعل فاعل.
ما حدث في دورة بكين الاوليمبية وكأس العالم يدعو لوقفة عاجلة ومدروسة وغير انفعالية، فلا تحكموا علي هذا الجيل بالفشل ولا تظلموه، حاسبوا المسئول عن الانهيار الحالي لليد المصرية، حاسبوا أنفسكم أولا قبل أن تصبح تلك النتائج هي المسمار الأخير في نعش كرة اليد المصرية.